16%

الوصية الأخيرة للإمام (عليه السّلام)

أمّا الوصية الأخيرة للإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقد روتها عقيلة بني هاشم السيّدة زينب (عليها السّلام)، قالت: كان آخر عهد أبي إلى أخوي الحسن والحسين (عليهما السّلام)، أنّه قال لهما:«يا بنيَّ، إذا أنا متّ فغسّلاني، ثمّ نشّفاني بالبردة التي نُشّف بها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وفاطمة (عليها السّلام)، وحنّطاني وسجّياني على سريري، ثمّ انظروا حتّى إذا ارتفع لكما مقدّم السرير فاحملا مؤخّره» (١) .

إلى جنّة المأوى

ولمّا أدلى الإمام (عليه السّلام) بوصاياه أخذ يُعاني آلام الموت وهو يتلو آيات الذكر الحكيم، ويُكثر من الدعاء والاستغفار، ولمّا دنا منه الأجل المحتوم كان آخر ما نطق به:«لمثل هذا فليعمل العاملون» (٢) . ثمّ فاضت روحه الزكية إلى جنّة المأوى.

لقد ارتفع ذلك اللطف الإلهي الذي أضاء الدنيا بعدله وعمله وكماله، فما أظلّت سماء الدنيا قطّ أفضل ولا أسمى منه ما عدا أخاه وابن عمّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

لقد مادت أركان العدل، وانطمست معالم الحقّ، ومات أبو الغرباء والبؤساء.

سيّدي أبا الحسن، لقد مضيت إلى عالم الخلود، وأنت مكدود مجهود، قد جُهل حقّك، واُبعدت عن مقامك الذي أقامك فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وقد تظافرت الاُسر القرشيّة على حربك، ووضعت الحواجز والسدود أمام مخطّطاتك الإصلاحية، كما فعلت مثل ذلك مع ابن عمّك رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

____________________

(١) زينب الكبرى / ٣٨.

(٢) سورة الصافات / ٦١.