وسخر منه ابن عباس، وتلا قوله تعالى:( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (١) .
وصاح به معاوية: اكفف نفسك، وكفّ عنّي لسانك، وإن كنت فاعلاً فليكن سرّاً، ولا تسمعه أحداً علانية.
لقد جهد معاوية في ستر فضائل أهل البيت (عليهم السّلام) ومحو ذكرهم حتّى لا يبقى لهم أيّ رصيد شعبي في الأوساط الإسلاميّة.
واضُطهدت الشيعة اضطهاداً مريراً وقاسياً في أيام معاوية؛ فقد انتقم منهم كأقسى وأشدّ ما يكون الانتقام، وكان ما عانوه منه لا يُوصف لشدّة قسوته ومرارته.
وهذه صورة موجزة لما عانوه:
وعهد معاوية إلى الجلاّدين من شرطته بقتل الشيعة وإبادتهم؛ فقتل المجرم بسر بن أرطأة بعد التحكيم ثلاثين ألفاً عدا مَنْ أحرقهم بالنار(٢) ، وقتل سمرة بن جندب ثمانية آلاف من أهل البصرة(٣) ، وأمّا زياد ابن أبيه فقد اقترف أفظع الجرائم؛ فقطع الأيدي والأرجل، وسمل العيون، وأنزل بالشيعة جميع صنوف العذاب.
كما صفّى معاوية جميع العناصر الواعية من الشيعة، وكان منهم:
____________________
(١) سورة التوبة / ٣٢.
(٢) حياة الإمام الحسن (عليه السّلام) ٢ / ٣٤٣.
(٣) شرح نهج البلاغة ٢ / ٦.