الصيف في حوارين الثنية، فأرسل إليه الضحّاك بن قيس رسالة يعزّيه فيها بوفاة أبيه، ويهنّئه بالخلافة، ويطلب منه الإسراع إلى عاصمته يتولّى شؤون الحكم، وحينما انتهت إليه الرسالة أسرع نحو عاصمته، ومعه أخواله وبنو اُميّة، والمغنّون والعابثون من أصحابه، وقد شعث في الطريق، فأقبل الناس يسلّمون عليه ويعزّونه، وقد عابوا عليه ما هو فيه، فانتقدوه وقالوا: هذا الأعرابي الذي ولاّه معاوية أمر الناس، والله سائل عنه(١) .
ومضى صوب قبر أبيه فجلس عنده وهو باكي العين، وأنشأ يقول:
جاءَ البريدُ بقرطاسٍ يخبّ به = فأوجسَ القلبُ من قرطاسهِ فزعا
قلنا لكَ الويل ماذا في كتابكمُ = قالَ الخليفَ أمسى مدنفاً وجعا(٢)
ثمّ سار نحو القبّة الخضراء في موكب رسمي تحفّ به بنو اُميّة وأخواله وشرطته.
وخطب يزيد في أهل الشام خطاباً أعلن فيه عن عزمه على خوض حرب مدمّرة مع أهل العراق، جاء فيه: يا أهل الشام، فإنّ الخير لم يزل فيكم، وسيكون بيني وبين أهل العراق حرب شديدة، وقد رأيت في منامي كأنّ نهراً يجري بيني وبينهم دماً عبيطاً، وجعلت أجهد في منامي أن أجوز ذلك النهر فلم أقدر على ذلك، حتّى جاءني عبيد الله بن زياد فجازه بين يدي وأنا أنظر إليه.
وانبرى أهل الشام فأعلنوا دعمهم الكامل له قائلين:
____________________
(١) تاريخ الإسلام - الذهبي ١ / ٢٦٧.
(٢) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٦٦.