واختطف الرعب لونه فأسرع الجبان يلهث كالكلب من شدّة الخوف، فدخل القصر وأغلق عليه أبوابه(١) .
وامتلأ المسجد والسوق من أصحاب مسلم، وضاقت الدنيا على ابن زياد، وأيقن بالهلاك؛ إذ لم تكن عنده قوّة تحميه سوى ثلاثين رجلاً من الشرطة، وعشرين رجلاً من الأشراف والوجوه الذين هم عملاء السلطة(٢) .
ولم يجد الطاغية وسيلة يلجأ إليها لإنقاذه سوى حرب الأعصاب، فأوعز إلى عملائه بإشاعة الخوف والرعب بين أصحاب مسلم، وانبرى للقيام بهذه المهمة مَنْ يلي من عملائه، وهم:
١ - كثير بن شهاب الحارثي
٢ - القعقاع بن شور الذهلي
٣ - شبث بن ربعي التميمي
٤ - حجّار بن أبجر.
٥ - شمر بن ذي الجوشن الضبابي(٣)
وأسرع هؤلاء العملاء إلى صفوف جيش مسلم فأخذوا ينشرون الخوف والأراجيف، ويظهرون لهم الحرص والولاء لهم.
وكان ممّا قاله كثير بن شهاب: أيّها الناس، الحقوا بأهاليكم ولا تعجلوا بالشرّ، ولا تعرّضوا أنفسكم للقتل؛ فإنّ هذه جنود أمير المؤمنين - يعني يزيد - قد أقبلت، وقد أعطى الله الأمير
____________________
(١) البداية والنهاية ٨ / ١٥٤.
(٢) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٢٧١.
(٣) المصدر السابق ٣ / ٢٧٢.