يصحب معه أهله؛ ليُشهد الناس على ما يقترفه أعداؤه ممّا لا يبرّره دين، ولا وازع من إنسانيّة، فلا تضيع قضيّته مع دمه المراق في الصحراء، فيُفترى عليه أشدّ الافتراء حين يعدم الشاهد العادل على ما جرى بينه وبين أعدائه.
تقول الدكتورة بنت الشاطئ: أفسدت زينب اُخت الحسين على ابن زياد وبني اُمية لذّة النصر، وسكبت قطرات من السمّ الزعاف في كؤوس الظافرين، وإنّ كلّ الأحداث السياسيّة التي ترتّبت بعد ذلك من خروج المختار، وثورة ابن الزّبير، وسقوط الدولة الاُمويّة، وقيام الدولة العباسية، ثمّ تأصّل مذهب الشيعة إنّما كانت زينب هي باعثة ذلك ومثيرته(١) .
اُريد أن أقول: ماذا يكون الحال لو قُتل الحسين (عليه السّلام) ومَنْ معه جميعاً من الرجال إلاّ أن يسجّل التأريخ هذه الحادثة الخطيرة من وجهة نظر أعدائه؟ فيضيع كلّ أثر لقضيته مع دمه المسفوك في الصحراء(٢) .
إنّ من ألمع الأسباب في استمرار خلود مأساة الإمام الحسين (عليه السّلام) واستمرار فعالياتها في نشر الإصلاح الاجتماعي هو حمل عقيلة الوحي وبنات الرسول (صلّى الله عليه وآله) مع الإمام الحسين (عليه السّلام)؛ فقد قمنَ ببلورة الرأي العام، ونشرنَ مبادئ الإمام الحسين وأسباب نهضته الكبرى، وقد قامت السيدة زينب (عليها السّلام) بتدمير ما أحرزه يزيد من الانتصارات، وألحقت به الهزيمة والعار.
وسنوضح ذلك بمزيد من البيان في البحوث الآتية:
وأمر الإمام الحسين (عليه السّلام) بجمع الناس من أهالي مكة ومن المعتمرين والحجّاج فيها،
____________________
(١) بطلة كربلاء / ١٧٦ - ١٨٠.
(٢) نظرية الإمامة لدى الشيعة الاثنى عشرية / ٣٤٣.