5%

السفر إلى العراق

وقبل أن يغادر الإمام (عليه السّلام) مكة مضى إلى البيت الحرام فأدّى له التحية بطوافه وصلاته، وبقي فيه حتّى أدّى صلاة الظهر ثمّ خرج مودّعاً له(١) .

وخرج الإمام (عليه السّلام) من مكة وهو يحمل معه مخدّرات الرسالة وعقائل النبوّة، وكان خروجه في اليوم الثامن من ذي الحجّة سنة ستّين من الهجرة(٢) ، وخيّم الحزن والأسى على أهل مكة وعلى حجاج بيت الله الحرام، وكان الإمام لا ينزل منزلاً إلاّ حدّث أهل بيته عن مقتل يحيى بن زكريا(٣) .

وسار موكب الإمام لا يلوي على شيء حتّى انتهى إلى موضع يُسمّى بـ «الصفاح»، فالتقى بالشاعر الكبير الفرزدق فسلّم على الإمام، وقال له: بأبي أنت واُمّي يابن رسول الله! ما أعجلك عن الحج؟

فأجابه الإمام عن سبب خروجه:«لو لم أعجل لأُخذت» .

إنّ السبب في خروج الإمام (عليه السّلام) قبل أن يتمّ العمرة هو أنّ السلطة قد عهدت إلى عصابة منها باغتيال الإمام ولو كان متعلّقاً بأستار الكعبة؛ فلذا سارع الإمام بالخروج من مكة.

وبادر الإمام (عليه السّلام) فسأل الفرزدق، فقال له:«من أين أقبلت يا أبا فراس؟» .

- من الكوفة.

-«بيّن لي خبر الناس؟» .

- على الخبير سقطت؛ قلوب الناس معك وسيوفهم مع بني اُميّة، والقضاء ينزل من السماء، والله يفعل ما يشاء، وربّنا كلّ يوم هو في شأن(٤) .

____________________

(١) و (٣) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ٥٣ - ٥٤.

(٢) خطط المقريزي ٢ / ٢٨٦.

(٤) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ٦٠.