5%

ما سيجري على أهلها من القتل، فخفّت إلى أخيها حينما كانوا في الخزيمية، وهي تقول له بنبرات مشفوعة بالبكاء: يا أخي، إنّي سمعت هاتفاً يقول:

ألا يا عين فاحتفلي بجهد = فمَنْ يبكي على الشهداءِ بعدي

على قومٍ تسوقهمُ المنايا = بمقدارٍ إلى إنجازِ وعدي

فأجابها أبيّ الضيم (عليه السّلام) غير حافل بما سيلقاه من النكبات والخطوب:«يا اُختاه، كلّ الذي قضى فهو كائن» (١) .

لقد أراد الإمام (عليه السّلام) من شقيقته أن تتسلّح بالصبر، وأن تقابل الرزايا والمصائب برباطة جأش وعزم حتّى تقوى على أداء رسالته.

النبأ المروّع بشهادة مسلم (عليه السّلام)

وانتهى النبأ المروّع بشهادة البطل مسلم بن عقيل إلى الإمام الحسين (عليه السّلام) حينما كان في زرود؛ فقد أقبل رجل من أهل الكوفة، فلمّا رأى الحسين (عليه السّلام) عدل عن الطريق، فتبعه بعض أصحاب الإمام فالتقيا به وانتسبا له، وسألاه عن خبر الكوفة، فقال: إنّه لم يخرج منها حتّى قُتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة، ورآهما يُجرّان بأرجلهما في الأسواق.

وأسرعا إلى الإمام (عليه السّلام) فقالا له: رحمك الله، إنّ عندنا خبراً إن شئت حدّثناك به علانية وإن شئت سرّاً.

ونظر الإمام إلى أصحابه فقال:«ما دون هؤلاء سرّاً» . وأخبراه بما سمعاه من الرجل من شهادة مسلم وهانئ، فكان هذا النبأ كالصاعقة على العلويِّين، فانفجروا بالبكاء على فقيدهم العظيم حتّى ارتجّ الموضع من شدّة البكاء، والتفت الإمام إلى بني عقيل فقال لهم:

____________________

(١) المناقب - لابن شهرآشوب ٥ / ١٢٧.