لا نفاد له، يا محيي الموتى، يا قائماً على كلّ نفس، احكم بيني وبينهم وأنت خير الحاكمين» (١) .
أرأيتم هذا الإيمان الذي تفاعل مع شعور الإمام وعواطفه؟ فقد صبر على قضائه، وفوّض إليه جميع ما نزل به من الخطوب. يقول الدكتور الشيح أحمد الوائلي:
يا أبا الطفّ و ازدهى بالضحايا = من أديمِ الطفوفِ روضٌ خميلُ
نخبةٌ من صحابةٍ و شقيقٌ = و رضيعٌ مطوّقٌ وشبولُ
والشبابُ الفتيان جفّ ففاضت = طلعةٌ حلوةٌ ووجهٌ جميلُ
و توغلتَ تستبينَ الضحايا = وزواكي الدماءِ منها تسيلُ
و مشت في شفاهكَ الغرِّ نجوى = نمَّ عنها التحميدُ والتهليلُ
لكَ عتبي يا ربّ إن كانَ يرضيـ = ـك فهذا إلى رضاكَ قليلُ
وهجمت على سبط رسول الله (صلّى الله عليه وآله) العصابة المجرمة التي تحمل رجس الأرض وخبث اللئام، فحملوا عليه من كلّ جانب ضرباً بالسيوف وطعناً بالرماح.
ويقول بعض المؤرخين: إنّه لم يُضرب أحد في الإسلام كما ضُرب الحسين؛ فقد وجد به مئة وعشرون جراحة، ما بين ضربة سيف، وطعنة رمح، ورمية سهم(٢) .
ومكث أبو الأحرار مدّة من الزمن على وجه الأرض وقد فتكت الجراحات بجسمه، وقد هابه الجميع ونكصوا من الإجهاز عليه.
يقول السيّد حيدر:
____________________
(١) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ٢٨٨.
(٢) الحدائق الوردية ١ / ١٢٦.