إذاً أكتب إلى ابن زياد. ولم يعتن شبث بذلك، وقال: اكتب له(١) .
وبادر المجرم الخبيث شمر بن ذي الجوشن، وكان من أعدى المجرمين على الإمام (عليه السّلام)، فاحتز رأسه الشريف كما في بعض الروايات(٢) .
لقد استشهد الإمام العظيم من أجل أن يرفع كلمة الله في الأرض ويطيح بدولة الظلم والبغي التي أقامتها الأحقاد القرشيّة على الإسلام. لقد قدّم الإمام (عليه السّلام) روحه ثمناً للقرآن، وثمناً لكلّ ما تسمو به الإنسانيّة من شرف وعزّ وإباء.
لقد رفع الإمام (عليه السّلام) راية الإسلام عالية خفّاقة وهي ملطّخة بدمه ودم الشهداء من أهل بيته وأصحابه الممجّدين، وهي تضيء في رحاب الكون وتفتح الآفاق الكريمة لشعوب العالم واُمم الأرض.
وانبرت حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله) إلى جثمان أخيها، وقد رأت - ويا لهول ما رأت - رأت الجثمان المقدّس وقد مزّقته سيوف البغاة ورماحهم، وقد مُثِّل به كأفظع وأقسى ما يكون التمثيل، لقد كان منظراً تلجم منه الألسن، وتجمد منه الدماء، وتهلع منه القلوب.
لقد وقفت العقيلة أمامه بجلال وحشمة وقد أحاط بها الأعداء، فرمقت السماء بطرفها وقالت هذه الكلمات التي ارتسمت مع الفلك ثمّ دارت فيه، وهي تشعّ بروح الإيمان والإخلاص إلى الله تعالى قائلة: اللّهمّ تقبّل منّا هذا القربان.
____________________
(١) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ٢٩١.
(٢) مقتل الخوارزمي ٢ / ٣٦، وغيره.