وهجم الفجرة الجفاة على الإمام زين العابدين (عليه السّلام)، وكان مريضاً قد أنهكته العلّة، فأراد الخبيث الأبرص شمر بن ذي الجوشن قتله، فنهره حميد بن مسلم وقال له: سبحان الله! أتقتل الصبيان؟ إنّما هو مريض.
فلم يعنَ به الخبيث، ورام قتل الإمام (عليه السّلام) إلاّ أنّ العقيلة سارعت نحوه فتعلّقت به، وقالت: لا يُقتل حتّى اُقتل دونه(١) .
فكفّ اللئيم عنه، ولولا السيدة زينب لمُحيت ذرّية أخيها الحسين (عليه السّلام).
وأقسى ليلة مرّت على حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله) هي ليلة الحادي عشر من المحرّم؛ فقد أحاطت بها جميع رزايا الدنيا ومصائب الأيام؛ فقد تسلّحت بالصبر وقامت برعاية أيتام أخيها؛ فقد سارعت تلتقط الأطفال الذين هاموا على وجوههم من الخوف، وتجمّع العيال في تلك البيداء الموحشة وهي تسلّيهم وتصبّرهم على تحمل تلك الرزايا، وأمامها الأشلاء الطاهرة قد تناثرت في البيداء، واُحرقت أخبيتها، وقد أحاط بها أرجاس البشرية ووحوش الأرض.
وقامت العقيلة في تلك الليلة القاسية فأدّت صلاة الشكر لله تعالى على ما حلّ بها وبأهلها من الكوارث والخطوب، طالبة من الله أن يتقبّل ما مُنيت به من الرزايا، وأن
____________________
(١) تاريخ القرماني / ١٠٨.