5%

خطاب العقيلة زينب (عليها السّلام)

وحينما رأت حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله) زينب الجموع الزاخرة التي ملأت الشوارع والأزقة، وقد أحاطت بها، اندفعت إلى الخطابة لبلورة الرأي العام، وإظهار المصيبة الكبرى التي داهمت العالم الإسلامي بقتل ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وتحميل الكوفيّين مسؤولية هذه الجريمة النكراء؛ فهم الذين نقضوا ما عاهدوا الله عليه من نصرة الإمام الحسين (عليه السّلام) والذبّ عنه، ولكنّهم خسروا ذلك، وقتلوه ثمّ راحوا ينوحون ويبكون كأنّهم لم يقترفوا هذا الإثم العظيم.

وهذا نصّ خطابها: الحمد لله، والصلاة على جدّي محمّد وآله الطيّبين الأخيار. أمّا بعد يا أهل الكوفة، يا أهل الختل(١) والغدر، أتبكون؟! فلا رقأت الدمعة، ولا هدأت الرنّة، إنّما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوّة أنكاثاً، تتّخذون أيمانكم دخلاً بينكم. ألا وهل فيكم إلاّ الصلف والنطف، والصدر الشيف، وملق الإماء، وغمز الأعداء، أو كمرعى على دمنة، أو كفضّة على ملحودة، ألا ساء ما قدّمتم لأنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون!

أتبكون وتنتحبون؟! إي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً؛ فلقد ذهبتم بعارها وشنارها، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً، وأنّى ترحضون قتل سليل خاتم النبوّة، ومعدن الرسالة، وسيد شباب أهل الجنّة، وملاذ خيرتكم، ومفزع نازلتكم، ومنار

____________________

(١) في نسخة: (الغدر).