حسبك يابن زياد ما سفكت من دمائنا! إنّك لم تُبقِ منّا أحداً، فإن كنت عزمت على قتله فاقتلني معه.
وبُهر الطاغية وانخذل، وقال متعجّباً: دعوه لها، عجباً للرحم ودّت أن تُقتل معه!
ولولا موقف العقيلة (عليها السّلام) لذهبت البقيّة من نسل أخيها التي هي مصدر الخير والفضيلة في دنيا العرب والإسلام. لقد أنجا الله زين العابدين (عليه السّلام) من القتل المحتّم ببركة العقيلة (عليها السّلام)؛ فهي التي أنقدته من هذا الطاغية الجبّار(١) .
وأمر ابن مرجانة بحبس مخدّرات الرسالة وعقائل الوحي فاُدخلنّ في سجن يقع إلى جانب المسجد الأعظم، وقد ضيّق عليهنَّ أشدّ التضييق، فكان يجري على كلّ واحدة في اليوم رغيفاً واحداً من الخبز، وكانت العقيلة تؤثر أطفال أخيها برغيفها وتبقى ممسكة حتّى بان عليها الضعف فلم تتمكّن من النهوض، وكانت تُصلّي من جلوس، وفزع الإمام زين العابدين (عليه السّلام) من حالتها، فأخبرته بالأمر.
ورفضت عقيلة بني هاشم مقابلة أيّة امرأة من الكوفيات، وقالت: لا يدخلنّ علينا إلاّ أُمّ ولد، أو مملوكة؛ فإنّهنّ سُبين كما سُبينا.
واُلقي على بنات رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حجر قد ربط فيه كتاب جاء فيه: إنّ البريد قد سار بأمركم إلى يزيد، فإن سمعتم التكبير فأيقنوا بالهلاك، وإن لم تسمعوا بالتكبير فهو الأمان. وحدّدوا لمجيء الكتاب وقتاً، وفزعت العلويات وذُعرن، وقبل قدوم البريد بيومين اُلقي عليهم حجر آخر فيه كتاب جاء فيه: أوصوا واعهدوا فقد قارب
____________________
(١)