5%

تزيين الشام

وأمرت حكومة دمشق الدوائر الرسمية وشبه الرسمية بإظهار الزينة والفرح للنصر الذي أحرزته بقتل أبناء النبي (صلّى الله عليه وآله).

ووصف بعض المؤرّخين تلك الزينة بقوله: ولمّا بلغوا - أي أُسارى أهل البيت (عليهم السّلام) - ما دون دمشق بأربعة فراسخ استقبلهم أهل الشام وهم ينثرون النثار فرحاً وسروراً حتّى بلغوا بهم قريب البلد، فوقفوهم عن الدخول ثلاثة أيام وحبسوهم هناك حتّى تتوفّر زينة الشام وتزويقها بالحليّ والحلل، والحرير والديباج، والفضة والذهب وأنواع الجواهر، على صفة لم يرَ الراؤون مثلها لا قبل ذلك اليوم ولا بعده.

ثمّ خرج الرجال والنساء، والأصاغر والأكابر، والوزراء والأمراء، واليهود والمجوس والنصارى وسائر الملل إلى التفرّج، ومعهم الطبول والدفوف، والبوقات والمزامير، وسائر آلات اللهو والطرب، وقد كحّلوا العيون وخضّبوا الأيدي، ولبسوا أفخر الملابس، وتزيّنوا أحسن الزينة، ولم يرَ الراؤون أشدّ احتفالاً ولا أكثر اجتماعاً منه، حتّى كأن الناس كلّهم حشروا جميعاً في صعيد دمشق(١) .

لقد أبدى ذلك المجتمع الذي تربّى على بغض أهل البيت (عليهم السّلام) جميع ألوان الفرح والسرور بإبادة العترة الطاهرة وسبي حرائر النبوّة.

وروى سهل بن سعد الساعدي ما رآه من استبشار الناس بقتل الحسين (عليه السّلام)، يقول: خرجت إلى بيت المقدس حتّى توسّطت الشام، فإذا أنا بمدينة مطّردة الأنهار، كثيرة الأشجار، قد علّقت عليها الحجب والديباج، والناس فرحون مستبشرون، وعندهم نساء يلعبن بالدفوف والطبول، فقلت في نفسي: إنّ لأهل الشام عيداً لا نعرفه؟!

فرأيت قوماً يتحدّثون، فقلت لهم: ألكم بالشام عيد لا نعرفه؟

____________________

(١) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ٣٦٩.