- نراك يا شيخ غريباً؟
- أنا سهل بن سعد قد رأيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
- يا سهل، ما أعجبك أن السماء لا تمطر دماً، والأرض لا تنخسف بأهلها!
- وما ذاك؟
- هذا رأس الحسين يُهدى من أرض العراق.
- وا عجباً! يُهدى رأس الحسين والناس يفرحون! من أيّ باب يدخل؟
وأشاروا إلى باب الساعات، فأسرع سهل إليها، وبينما هو واقف وإذا بالرايات يتبع بعضها بعضاً، وإذا بفارس بيده لواء منزوع السنان وعليه رأس من أشبه الناس وجهاً برسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وهو رأس أبي الأحرار، وخلفه السبايا محمولة على جمال بغير وطاء.
وبادر سهل إلى إحدى السيّدات فسألها: مَنْ أنتِ؟
- أنا سكينة بنت الحسين.
- ألك حاجة؛ فأنا سهل صاحب جدّك رسول الله؟
- قل لصاحب هذا الرأس أن يقدّمه أمامنا حتّى يشتغل الناس بالنظر إليه، ولا ينظرون إلى حرم رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
وأسرع سهل إلى حامل الرأس فأعطاه أربعمئة درهم فباعد الرأس عن النساء(١) .
وانبرى شيخ هرم يتوكّأ على عصاه ليمتّع نظره بالسبايا، فدنا من الإمام زين العابدين (عليه السّلام)، فرفع عقيرته قائلاً:
____________________
(١) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ٣٧٠.