وطلب من الإمام (عليه السّلام) أن يمنحه العفو والرضا، فعفا الإمام عنه(١) .
وغمرت يزيد موجات من الفرح حينما جيء له بسبايا أهل البيت (عليهم السّلام)، وكان مطلاّ على منظر في جيرون، فلمّا نظر إلى الرؤوس والسبايا قال:
لمّا بدت تلكَ الحمول وأشرقتْ = تلكَ الرؤوس على شفا جيرونِ
نعبَ الغرابُ فقلت قل أو لا تقل = فقد اقتضيت من الرسولِ ديوني(٢)
لقد أخذ ابن هند ثأره من ابن فاتح مكة ومحطّم أوثان قريش؛ فقد أباد العترة الطاهرة، وسبى ذراريها؛ تشفّياً وانتقاماً من الرسول الذي قتل أعلام الاُمويِّين.
وحمل الخبيث الأبرص شمر بن ذي الجوشن ومحفر بن ثعلبة العائدي رأس ريحانة رسول الله وسيّد شباب أهل الجنّة هدية إلى الفاجر يزيد بن معاوية، فسرّ بذلك سروراً بالغاً؛ فقد استوفى ثأره وديون الاُمويِّين من ابن رسول الله، وقد أذن للناس إذناً عاماً ليظهر لهم قدرته وقهره لآل النبي (صلّى الله عليه وآله).
وازدحم الأوباش والأنذال من أهل الشام على البلاط الاُموي وهم يعلنون فرحتهم الكبرى، ويهنّئون يزيد بهذا النصر الكاذب(٣) ، وقد وضع الرأس الشريف بين يدي سليل الخيانة فجعل ينكثه بمخصرته، ويقرع ثناياه اللتين كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يرشفهما، وجعل يقول: لقد لقيت بغيك يا حسين(٤) .
____________________
(١) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ٣٧١.
(٢) مقتل الحسين (عليه السّلام) - المقرّم / ٤٣٧.
(٣) البداية والنهاية ٨ / ١٩٨.
(٤) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ٣٧٤.