5%

ثمّ التفت إلى عملائه وأذنابه فقال لهم: ما كنت أظنّ أبا عبد الله قد بلغ هذا السنّ، وإذا لحيته ورأسه قد نصلا من الخضاب الأسود(١) .

وتأمّل في وجه الإمام (عليه السّلام) فغمرته هيبته، وراح يقول: ما رأيت مثل هذا الوجه حسناً قطّ(٢) !

أجل، إنّه كوجه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الذي تحنو له الوجوه والرقاب، والذي يشعّ بروح الإيمان.

وراح ابن معاوية يوسع ثغر الإمام (عليه السّلام) بالضرب وهو يقول: إنّ هذا وإيّانا كما قال الحصين بن الحمام:

أبى قومنا إن ينصفونا فانصفت = قواضب في إيماننا تقطر الدما

نُفلِّقنَ هاماً من رجالٍ أعزّةٍ = علينا و هم كانوا أعقّ وأظلما

ولم يتم الخبيث كلامه حتّى أنكر عليه أبو برزة الأسلمي، فقال له: أتنكت بقضيبك في ثغر الحسين؟! أما لقد أخذ قضيبك في ثغره مأخذاً لربّما رأيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يرشفه! أما إنّك يا يزيد تجيء يوم القيامة وابن زياد شفيعك، ويجيء هذا ومحمد (صلّى الله عليه وآله) شفيعه.

ثمّ قام منصرفاً عنه(٣) .

السبايا في مجلس يزيد (لعنه الله)

وعمد الأنذال من جلاوزة الخبيث ابن الخبيث يزيد بن معاوية إلى عقائل الوحي وسائر الصبية، فربقوهم بالحبال كما تربق الأغنام، فكان الحبل في عنق الإمام زين العابدين (عليه السّلام) إلى عنق العقيلة زينب (عليها السّلام) وباقي بنات رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وكانوا كلّما قصّروا عن

____________________

(١) تاريخ الإسلام - الذهبي ٢ / ٣٥١.

(٢) تاريخ القضاعي / ٧٠.

(٣) تاريخ ابن الأثير ٣ / ٣٩٨.