5%

وزوى الإمام بوجهه عنه ولم يكلّمه؛ استهانة به(١) .

خطاب العقيلة (عليها السّلام)

وأظهر الطاغية الآثم فرحته الكبرى بإبادته لعترة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقد صفا له الملك، واستوسقت له الاُمور، وأخذ يهزّ أعطافه جذلاناً متمنّياً حضور القتلى من أهل بيته ببدر؛ ليريهم كيف أخذ بثارهم من النبي (صلّى الله عليه وآله) في ذرّيته، وراح يترنّم بأبيات ابن الزبعري قائلاً أمام الملأ بصوت يسمعه الجميع:

ليتَ أشياخي ببدرٍ شهدوا = جزعَ الخزرجِ من وقعِ الأسلْ

فأهلّوا واستهلّوا فرحاً = ثمّ قالوا يا يزيدَ لا تُشلْ

قد قتلنا القومَ من ساداتهمْ = و عدلناه ببدرٍ فاعتدلْ

لعبت هاشمُ بالمُلكِ فلا = خبرٌ جاءَ و لا وحيٌ نزلْ

لستُ من خندف إن لم أنتقمْ = من بني أحمدَ ما كان فَعَلْ

ولمّا سمعت العقيلة (عليها السّلام) هذه الأبيات التي أظهر فيها التشفّي بقتل عترة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) انتقاماً منهم لقتلى بدر، وثبت كالأسد، فسحقت جبروته وطغيانه، فكأنّها هي الحاكمة والمنتصرة، والطاغية هو المخذول والمغلوب على أمره، وقد خطبت هذه الخطبة التي هي من متمّمات النهضة الحسينيّة.

قالت (عليها السّلام): الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وآله أجمعين، صدق الله كذلك يقول:( ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ ) (٢) .

أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا

____________________

(١) الإرشاد / ٢٧٦.

(٢) سورة الروم / ١٠.