انهيار الحكم الاُموي(١) .
ولم يستطع الطاغية الجواب على خطاب العقيلة (عليها السّلام)؛ فقد انهار كبرياؤه وغروره، وتمثّل ببيت من الشعر وهو:
يا صيحةً تُحمدُ من صوائحْ = ما أهون الموت على النوائحِ
ولا توجد أيّة مناسبة بين ذلك الخطاب الثوري الذي أبرزت فيه عقيلة الوحي واقع يزيد وجرّدته من جميع القيم والمبادئ الإنسانيّة، وبين هذا البيت من الشعر الذي حكى أنّ الصيحة تحمد من الصوائح، وأنّ النوح يهون على النائحات، فأيّ ربط موضوعي بين الأمرين.
وتلبّدت الأجواء السياسيّة على الطاغية، وحار في أمره؛ فقد فضحته العقيلة بخطابها الخالد، وجرّدته من السلطة الشرعيّة، وأخذت الأوساط الشعبيّة في دمشق تتحدّاه وتنقم عليه جريمته النكراء بإبادته لعترة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؛ فأخذ يلتمس له المعاذير، فقال لأهل الشام: أتدرون من أين أتى ابن فاطمة، وما الحامل له على ما فعل، وما الذي أوقعه فيما وقع؟
- لا.
- يزعم أن أباه خير من أبي، واُمّه فاطمة بنت رسول الله خير من اُمّي، وأنّه
____________________
(١) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ٣٨٢ - ٣٨٣.