خير منّي وأحقّ بهذا الأمر.
فأمّا قوله: أبوه خير من أبي؛ فقد حاجّ أبي أباه إلى الله عزّ وجلّ، وعلم الناس أيّهما حكم له؛ وأمّا قوله: اُمّه خير من اُمّي، فلعمري إنّ فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) خير من اُمي؛ وأمّا قوله: جدّه خير من جدّي، فلعمري ما أحد يؤمن بالله واليوم الآخر وهو يرى أنّ لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) فينا عدلاً ولا ندّاً، ولكنّه إنّما أتى من قلّة فقهه، ولم يقرأ قوله تعالى:( وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ ) (١) .
لقد حسب الخبيث أنّ منطق الفضل عند الله تعالى إنّما هو الظفر بالملك والسلطان، فراح يبني تفوّقه على الإمام (عليه السّلام) بذلك، ولم يعلم أنّ الله تعالى لا يرى للملك أيّ قيمة؛ فإنّه يهبه للبرّ والفاجر.
لقد تخبّط الطاغية وراح يبني مجده الكاذب على تغلّبه وقهره لسبط رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وقد خاب فكره وضلّ سعيه؛ فقد انتصر الإمام (عليه السّلام) في ثورته انتصاراً لم يحرزه أيّ فاتح على وجه الأرض، فها هي الدنيا تعجّ بذكره، وها هو حرمه يطوف به المسلمون كما يطوفون ببيت الله تعالى، وليس هناك ضريح على وجه الأرض أعزّ ولا أرفع من ضريح أبي الأحرار، فكان حقّاً هذا هو النصر والفتح.
ونظر شخص من أهل الشام إلى السيدة الزكية فاطمة بنت الإمام الحسين (عليه السّلام) فقال ليزيد: هب لي هذه الجارية لتكون خادمة عندي.
وقد ظنّ أنّها من الخوارج فيحق له أن تكون خادمة عنده، ولمّا سمعت العلوية ذلك سرت الرعدة بأوصالها، وأخذت بثياب عمّتها مستجيرة بها، فانبرت العقيلة (عليها السّلام) وصاحت بالرجل:
____________________
(١) تاريخ الطبري ٦ / ٢٢٦، سورة البقرة / ٢٤٧.