بئس ما قلت! هاته.
وأخذ مروان رأس الإمام وهو جذلان مسرور، وجعل يهزّ أعطافه بشراً وسروراً، ويقول بشماتة:
يا حبّذا بردُكَ في اليدينِ = ولونُكَ الأزهرُ في الخدينِ
وجيء برأس الإمام (عليه السّلام) فنصب في جامع الرسول (صلّى الله عليه وآله)، وهرعنّ نساء آل أبي طالب إلى القبر الشريف بلوعة وبكاء، فقال مروان:
عجّت نساءُ بني زبيد عجةً = كعجيجِ نسوتنا غداةَ الأرنبِ
وجعل مروان يبدي سروره، وهو يقول: والله لكأنّي أنظر إلى أيام عثمان(١) . ثمّ التفت إلى قبر النبي (صلّى الله عليه وآله) فخاطبه: يا محمّد، يوم بيوم بدر(٢) .
لقد ظهرت الأحقاد الاُمويّة بهذا الشكل الذي ينمّ عن جاهليّتهم وكفرهم، وأنّهم لم يؤمنوا بالإسلام طرفة عين.
وطلب سبايا أهل البيت (عليهم السّلام) من الوفد الموكّل بحراستهم أن يعرّج بهم إلى كربلاء ليجدّدوا عهداً بقبر سيد الشهداء، ولبّى الوفد طلبتهم فانعطفوا بهم إلى كربلاء، وحينما انتهوا إليها استقبلنَ السيدات قبر الإمام أبي عبد الله بالصراخ والعويل، وسالت الدموع منهنَّ كلّ مسيل، وقضينَ ثلاثة أيام في كربلاء، ولم تهدأ لهنَّ عبرة
____________________
(١) مرآة الزمان في تواريخ الأعيان ٥ / ١٠١.
(٢) شرح نهج البلاغة ٤ / ٧٢.