16%

حتى بُحّت أصواتهنَّ، وتفّتت قلوبهنَّ، وخاف الإمام زين العابدين (عليه السّلام) على عمّته زينب (عليها السّلام) وباقي العلويات من الهلاك، فأمرهنَّ بالسفر إلى يثرب، فغادرنَ كربلاء بين صراخ وعويل(١) .

إلى يثرب

واتّجه موكب أُسارى أهل البيت (عليهم السّلام) إلى يثرب، وأخذ يجدّ في السير لا يلوي على شيء، وقد غامت عيون بنات رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بالدموع وهنَّ ينحنَ ويندبنَ قتلاهنّ، ويذكرنَ بمزيد من اللوعة ما جرى عليهنَّ من الذلّ.

وكانت يثرب قبل قدوم السبايا إليها ترفل في ثياب الحزن على اُمّ المؤمنين السيدة اُمّ سلمة زوجة النبي (صلّى الله عليه وآله)؛ فقد توفّيت بعد قتل الحسين (عليه السّلام) بشهر كمداً وحزناً عليه(٢) .

نعي بشر للإمام (عليه السّلام)

ولمّا وصل الإمام زين العابدين (عليه السّلام) بالقرب من المدينة نزل وضرب فسطاطه، وأنزل العلويات، وكان معه بشر بن حذلم، فقال له:«يا بشر، رحم الله أباك لقد كان شاعراً، فهل تقدر على شيء منه؟» .

- بلى يابن رسول الله.

-«فادخل المدينة وانع أبا عبد الله» .

وانطلق بشر إلى المدينة، فلمّا انتهى إلى الجامع النبوي رفع صوته مشفوعاً بالبكاء قائلاً:

____________________

(١) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ٤٢٢.

(٢) اللهوف / ١١٦.