وأخرجن سوارين ودملجين وبعثتا بهما إليه، واعتذرتا له، وتأثّر الرجل من هذا الكرم الغامر وهو يعلم ما هنَّ فيه من الضيق والشدّة، فقال لهما باحترام: لو كان الذي صنعت للدنيا لكان في هذا ما يرضيني، ولكن والله ما فعلته إلاّ لله، ولقرابتكم من رسول الله (صلّى الله عليه وآله)(١) .
وخلدت عقيلة آل أبي طالب إلى البكاء على انقراض أهلها(٢) ، وكانت لا تجفّ لها عبرة ولا تفتر عن البكاء، وكانت كلّما نظرت إلى ابن أخيها الإمام زين العابدين (عليه السّلام) يزداد وجيبها وحزنها، وقد نخب الحزن قلبها الرقيق المعذّب حتّى صارت كأنّها صورة جثمان فارقته الحياة.
____________________
(١) تاريخ الطبري ٦ / ٣٦٦، تاريخ ابن الأثير ٣ / ٣٠٠.
(٢) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ٤٢٨.