وذهب جمهرة من المؤرّخين إلى أنّ قبر الصدّيقة الطاهرة زينب (عليها السّلام) في مصر، وهذا هو المشهور عند كافّة المصريين.
ولا بدّ لنا من وقفة قصيرة للحديث عن سبب هجرتها لمصر، وما يتعلّق بمرقدها المعظّم.
وذكر المؤرّخون أنّ العقيلة (عليها السّلام) أخذت تلهب العواطف، وتستنهض المسلمين للأخذ بثأر أخيها والانتفاض على السلطة الاُمويّة، والتي كان من نتائجها أنّ المدينة أخذت تغلي كالمرجل، وأعلنت العصيان المسلح على حكم الطاغية يزيد، فأرسل إليها جيشاً مكثّفاً بقيادة الإرهابي المجرم مسلم بن عقبة فأنزل بالمدنيّين أقصى العقوبات، وأكثرها صرامة وقسوة، وأرغمهم على أنّهم خول وعبيد ليزيد، ومَنْ أبى منهم نفّذ فيه حكم الإعدام.
وعلى أيّ حال، فإنّ عمر بن سعيد الأشدق والي يثرب خشي من العقيلة (عليها السّلام)، وكتب إلى يزيد خطرها عليه، فأمره بإخراجها من المدينة إلى أيّ بلد شاءت، فامنتعت وقالت: قتل - أي يزيد - خيارنا، وساقنا كما تُساق الأنعام، وحملنا على الأقتاب، فوالله لا أخرج وإن اُهرقت دماؤنا.
وانبرت إليها السيدة زينب بنت عقيل، فكلّمتها بلطف قائلة: يا بنت عمّاه، قد صدقنا الله وعده، وأورثنا الأرض نتبوّء منها حيث نشاء، فطيبي نفساً، وقرّي عيناً، وسيجزي الله الظالمين، أتريدين بعد هذا هواناً؟ ارحلي إلى بلد آمن.
واجتمعنَ السيدات من نساء بني هاشم وتلطّفنَ معها في الكلام فأجابت، واختارت الهجرة إلى مصر، وصحبنها في السفر السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسين (عليها السّلام)