ازدهرت حياة الاُسرة النبويّة بالسبطين الكريمين الإمامين الحسن والحسين (عليهما السّلام)، فكانا كالقمرين في ذلك البيت الكريم الذي أذن الله أن يرفع ويُذكر فيه اسمه. وقد استوعبا قلب جدّهما الرسول (صلّى الله عليه وآله) مودّةً ورحمةً وحناناً، فكان يرعاهما برعايته، ويغدق عليهما بإحسانه، ويفيض عليهما من مكرمات نفسه التي استوعب شذاها جميع آفاق الوجود.
لقد كان النبي (صلّى الله عليه وآله) يكنّ في دخائل نفسه أعمق الودّ لسبطيه، فكان يقول:«هما ريحانتي من الدنيا» (١) .
وبلغ من عظيم حبّه لهما أنّه كان على المنبر يخطب، فأقبل الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران، وهما يمشيان ويعثران، فنزل عن المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه، وقال:«صدق الله إذ يقول: ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ) (٢) . لقد نظرت إلى هذين الصبيِّين وهما يمشيان ويعثران فلم أصبر حتّى قطعت حديثي ورفعتهما» (٣) .
____________________
(١) كنز العمّال ٧ / ١١٠، صحيح البخاري - كتاب الأدب، مجمع الزوائد ٩ / ١٨١. تأريخ ابن عساكر ١٣ / ٣٩.
(٢) سورة الأنفال / ٢٨.
(٣) صحيح الترمذي ٢ / ٣٠٦، مسند أحمد بن حنبل ٥ / ٣٥٤، اُسد الغابة ٢ / ١٢، صحيح النسائي ١ / ٢٠١، سنن البيهقي ٣ / ٢١٨.