5%

وكان يقول لسيّدة النساء فاطمة (عليها السّلام):«ادعي ابنيَّ» . فيشمّهما، ويضمّهما إليه(١) .

وفي تلك الفترة السعيدة التي عاشتها الاُسرة النبويّة وهي مترعة بالولاء والعطف من الرسول (صلّى الله عليه وآله) عَرَضَ للصدّيقة الطاهرة سيدة نساء العالمين فاطمة (عليها السّلام) حملٌ، فأخذ النبي (صلّى الله عليه وآله) ينتظره بفارغ الصبر ليبارك به لحبيبته فاطمة، ولباب مدينة علمه الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام). أمّا ذلك الحمل فهو:

الوليدة المباركة

ووضعت الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السّلام) وليدتها المباركة التي لم تولد مثلها امرأة في الإسلام إيماناً وشرفاً وطهارةً وعفةً وجهاداً، وقد استقبلها أهل البيت وسائر الصحابة بمزيدٍ من الابتهاج والفرح والسرور، وأجرى الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) على وليدته المراسيم الشرعيّة؛ فأذّن في أذنها اليمنى، وأقام في اليسرى.

لقد كان أوّل صوت قرع سمعها هو:«الله أكبر، لا إله إلا الله» ، وهذه الكلمات اُنشودة الأنبياء، وجوهر القيم العظيمة في الأكوان.

وانطبعت هذه الاُنشودة في أعماق قلب حفيدة الرسول فصارت عنصراً من عناصرها، ومقوّماً من مقوّماتها.

وجوم النبي (صلّى الله عليه وآله) وبكاؤه

وحينما علم النبي (صلّى الله عليه وآله) بهذه المولودة المباركة سارع إلى بيت بضعته، وهو خائر القوى حزين النفس فأخذها ودموعه تتبلور على سحنات وجهه الكريم، وضمّها إلى صدره وجعل يوسعها تقبيلاً، وبهرت سيّدة النساء فاطمة (عليها السّلام) من بكاء أبيها،

____________________

(١) تيسير الوصول - ابن الدبيغ ٣ / ٢٧٦.