إحاطة بشؤون الشريعة وأحكام الدين.
ولمّا تقدّمت سيّدة النساء زينب في السن، انبرى الأشراف والوجوه إلى خطبتها والتشرّف بالاقتران بها، فامتنع الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) من إجابتهم، وتقدّم لخطبتها فتىً من أنبل فتيان بني هاشم وأحبّهم إلى الإمام وأقربهم إليه، وهو ابن أخيه (عبد الله بن جعفر)، من أعلام النبلاء والكرماء في دنيا العرب والإسلام، فأجابه الإمام إلى ذلك ورحّب به.
ونعرض - بإيجاز - إلى بعض شؤونه:
أمّا جعفر فقد كان - فيما يقول الرواة - من أشبه الناس خلقاً وخُلقاً بالنبي (صلّى الله عليه وآله)(١) . يقول فيه أبو هريرة: ما احتذى النعال، ولا ركب المطايا، ولا وطئ التراب بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أفضل من جعفر بن أبي طالب(٢) .
وهو من السابقين للإسلام، وقد رآه أبوه أبو طالب يُصلّي مع أخيه الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) خلف النبي (صلّى الله عليه وآله)، فقال له: صل جناح ابن عمّك، وصلِّ عن يساره. وكان علي يصلّي عن يمينه(٣) . وله هجرتان؛ هجرة إلى الحبشة، وهجرة إلى المدينة(٤) .
وكان من أبرّ الناس بالفقراء والضعفاء، وقد برّ بأبي هريرة وأحسن إليه أيام بؤسه وفقره، وقد تحدّث عن ذلك، قال: كنت لألصق بطني بالحصباء من الجوع، وإن كنت لأستقرئ الرجل الآية وهي معي كي ينقلب بي فيطعمني.
وكان أبرّ الناس للمسكين جعفر بن أبي طالب؛ كان ينقلب فيطعمنا ما كان في بيته، حتّى كان ليخرج
____________________
(١) الاستيعاب ١ / ٢٤٢، وجاء فيه: أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) قال له:((أشبهت خَلقي وخُلُقي يا جعفر)) .
(٢) الاستيعاب ١ / ٢٤٣.
(٣، ٤) اُسد الغابة ١ / ٢٨٧.