وأخذت أسماء تنوح على زوجها، وأقبلت السيّدات من نساء المسلمين يعزينها بمصابها الأليم، وأمر النبي (صلّى الله عليه وآله) أن يُصنع طعام لآل جعفر(١) ، وأقبلت سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السّلام) على أسماء تعزّيها وهي باكية العين، وقد رفعت صوتها قائلة:«وا عمّاه!» .
وطفق رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول:«على مثل جعفر فلتبك البواكي» (٢) .
لقد كانت شهادة جعفر من أقسى النكبات على النبي (صلّى الله عليه وآله)؛ فقد فَقَدَ بشهادته أعزّ أبناء عمومته وأخلصهم إليه.
أمّا اُمّ عبد الله فهي السيّدة الشريفة أسماء بنت عميس، وهي من السابقات إلى اعتناق الإسلام، هاجرت مع زوجها الشهيد الخالد جعفر الطيار إلى الحبشة، وقد ولدت فيها عبد الله وعوناً ومحمداً، ثمّ هاجرت إلى المدينة. ولمّا استشهد جعفر تزوّجها أبو بكر فولدت له محمداً، وهو من أعلام الإسلام، ثمّ توفي أبو بكر فتزوّجها الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) فولدت له يحيى(٣) .
وقد أخلصت لأهل البيت (عليهم السّلام) فكانت من حزبهم، ولها علاقة وثيقة مع سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السّلام)؛ فقد قامت بخدمتها، وقد عهدت إليها في مرضها أن لا تدخل عليها عائشة بنت أبي بكر، فجاءت عائشة عائدة لها فمنعتها أسماء، فاغتاظت وشكتها إلى أبي بكر، فعاتبها، فأخبرته بعدم رضاء الزهراء في زيارتها(٤) .
لقد كانت أسماء من خيرة نساء المسلمين في عفّتها وطهارتها وولائها لأهل
____________________
(١) (٢) اُسد الغابة ١ / ٢٨٩.
(٣) المصدر السابق ٥ / ٣٩٥.
(٤) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ١ / ٢٧١.