«إنّ جبرئيل كان يعارضني بالقرآن في كلّ سنة مرّة، وأنّه عارضني بهذا العام مرّتين، وما أرى ذلك إلاّ اقتراب أجلي» (١) .
وتقطّع قلب زهراء الرسول ألماً وحزناً، وشاعت الكآبة والحزن عند أهل البيت وذوت عقيلة بني هاشم من هذا النبأ المريع، وطافت بها وهي في فجر الصبا تيارات من الأسى.
ونزلت على النبي (صلّى الله عليه وآله) سورة النصر، فكان يسكت بين التكبير والقراءة، ويقول:«سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه» .
وذهل المسلمون، وفزعوا إليه يسألونه عن هذه الحالة الراهنة، فأجابهم:«إنّ نفسي قد نُعيت إليّ» (٢) .
وكادت نفوس المسلمين أن تزهق من هذا النبأ المريع؛ فقد وقع عليهم كالصاعقة، فلا يدرون ماذا سيجري عليهم لو خلت الدنيا من منقذهم ومعلّمهم وقائدهم.
ورأت العقيلة في منامها رؤياً أفزعتها وأذهلتها، فأسرعت إلى جدّها الرسول (صلّى الله عليه وآله) تقصّها عليه، ولمّا مثلت عنده أجلسها في حجره، وجعله يوسعها تقبيلاً، فقالت له: يا جدّاه، رأيت رؤياً البارحة.
-«قصّيها عليّ» .
- رأيت ريحاً عاصفاً اسودّت الدنيا منها وأظلمت، ففزعتُ إلى شجرة عظيمة فتعلّقت بها من شدّة العاصفة، فقلعتها الرياح وألقتها على الأرض، فتعلّقت بغصنٍ
____________________
(١) مناقب ابن شهرآشوب ١ / ١٦٧.
(٢) زينب الكبرى / ١٩.