5%

قويّ من تلك الشجرة فقطعتها الرياح، فتعلّقت بفرع آخر فكسرته الرياح أيضاً، وسارعت فتعلّقت بأحد فرعين من فروعها فكسرته العاصفة أيضاً، ثمّ استيقظت من نومي.

فأجهش النبي (صلّى الله عليه وآله) بالبكاء، وفسّر لها رؤياها قائلاً:«أمّا الشجرة فجدّك، وأمّا الفرع الأوّل فاُمّك، والثاني أبوك عليّ، والفرعان الآخران هما أخواك الحسنان، تسودّ الدنيا لفقدهم، وتلبسين لباس الحداد في رزيتهم» (١) .

وساد الحزن والأسى في البيت النبوي، وصدقت رؤيا العقيلة، فلم تمض أيام حتّى رُزئت بجدّها واُمّها، وتتابعت عليها بعد ذلك الرزايا، فقد استشهد أبوها وأخواها، ولبست عليهم لباس الحزن والحداد.

حجة الوداع

ولمّا علم النبي (صلّى الله عليه وآله) أنّ لقاءه بربّه قريب، رأى أن يحجّ إلى بيت الله الحرام ليلتقي بالمسلمين ويضع لهم الخطوط السليمة لنجاتهم، ويقيم فيهم القادة والمراجع الذين يقيمون فيهم الحقّ والعدل.

وحجّ النبي (صلّى الله عليه وآله) لهذا الغرض، وهي حجّته الأخيرة الشهيرة بـ (حجّة الوداع)، وقد أشاع بين حجّاج بيت الله أنّ التقاءه بهم في هذا العام هو آخر التقاء بهم، وأنّه سيسافر إلى الفردوس الأعلى، وجعل يطوف بين الجماهير ويعرّفهم سبل النجاة، ويرشدهم إلى ولاة اُمورهم من بعده قائلاً:«أيّها الناس، إنّي تركت فيكم الثقلين؛ كتاب الله، وعترتي أهل بيتي» (٢) .

____________________

(١) صحيح الترمذي ٢ / ٣٠٨.

(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٩١ - ٩٢.