وأبيضَ يُستسقى الغمامُ بوجهه = ثمال اليتامى عصمة للأراملِ))
فقال لها رسول الله (صلّى الله عليه وآله):«هذا قول عمّك أبي طالب» . وتلا قوله تعالى:( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ) (١) .
وتقطّع قلب زهراء الرسول ألماً وحزناً على أبيها، فانكبّت عليه ومعها الحسنان، فألصقت صدرها بصدره وهي غارقة في البكاء، فأجهش النبي (صلّى الله عليه وآله) بالبكاء، وهو يقول:«اللّهمّ أهل بيتي، وأنا مستودعهم كلّ مؤمن» .
وجعل يردّد ذلك ثلاث مرّات حسبما يرويه أنس بن مالك(٢) .
أمّا حفيدة الرسول زينب فقد شاركت اُمّها في لوعتها وأحزانها، وقد ذابت نفسها حزناً وموجدة على اُمّها التي هامت في تيّارات مذهلة من الأسى والشجون على أبيها الذي هو عندها أعزّ من الحياة.
وبعدما أدّى النبي العظيم رسالة ربّه إلى المسلمين، وأقام صروح الإسلام، وعيّن القائد العام لاُمّته الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام)، فقد اختاره الله تعالى إلى جواره لينعم في الفردوس الأعلى، فقد هبط عليه ملك الموت، فاستأذن بالدخول عليه، فخرجت إليه زهراء الرسول فأخبرته أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مشغول بنفسه عنه، فانصرف ثمّ عاد بعد قليل يطلب الإذن، فأفاق النبي (صلّى الله عليه وآله) من إغمائه، والتفت إلى بضعته فقال لها:«يا بُنية، أتعرفينه؟» .
____________________
(١) أنساب الأشراف ١ / ١٣٣، القسم الأوّل.
(٢) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ١ / ٢١٦.