5%

في عهد الخلفاء

لا يستطيع أيّ كاتب مهما كان بارعاً في تصوير دقائق النفوس، وكشف أسرار المجتمع وأحداث التأريخ أن يصوّر بدقّة عمق الكوارث والأوبئة التي داهمت الاُمّة الإسلاميّة بعد وفاة نبيّها العظيم، كما صوّرها القرآن الكريم، قال تعالى:( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ... ) (١) .

إنّه تصوير هائل للأزمات المفجعة والنكبات السود التي مُني بها العالم الإسلامي، إنّه انقلاب على الأعقاب، وانسلاخ عن العقيدة الإسلاميّة، وتدمير لشريعة الله، فأيّ زلزال مدمّر كهذا الزلزال الذي عصف بالاُمّة الإسلاميّة وأخلد لها الفتن والكوارث على امتداد التأريخ.

وكان من أقسى ما فُجعت به الاُمّة إبعاد العترة الطاهرة عن المسرح السياسي وتحويل القيادة إلى غيرها، الأمر الذي نجم عنه فوز الاُمويِّين وغيرهم بالحكم، وإمعانهم بوحشية قاسية في ظلم العلويِّين ومطاردتهم، ومجزرة كربلاء كانت من النتائج المباشرة لصرف الخلافة عن أهل البيت (عليهم السّلام).

وعلى أيّ حال، فإنّا نعرض - بإيجاز - لبعض تلك الأحداث، والتي منها حكومة الخلفاء الذين عاصرتهم حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله)؛ فإنّ بها ترتبط ارتباطاً موضوعياً بالكشف عن حياتها وما عانته من كوارث وأهوال، وفيما يلي ذلك:

____________________

(١) سورة آل عمران / ١٤٤.