5%

وقد ضيّق عليهم بذلك غاية التضييق، ومنع عنهم جميع وسائل العيش.

الزهراء (عليها السّلام) مع أبي بكر

والتاعت بضعة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من أبي بكر؛ فقد سدّ عليها جميع نوافذ الحياة الاقتصادية، فخرجت (سلام الله عليها) غضبى، فلاثت خمارها، واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمّة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية أبيها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حتّى دخلت على أبي بكر وهو في جامع أبيها، وكان في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم، فنيطت دونها ملاءة.

فوقفت مفخرة الإسلام فأنّت أنّة أجهش لها القوم بالبكاء، وارتجّ المجلس، فأمهلتهم حتّى إذا سكن نشيجهم وهدأت فورتهم افتتحت خطابها الخالد بحمد الله والثناء عليه، وانحدرت في خطابها كالسيل، فلم يُسمع أخطب ولا أبلغ منها، وحسبها أنّها بضعة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الذي أفاض عليها بمكرمات نفسه، وغذّاها بحكمه وآدابه.

وتحدّثت في خطابها عن معارف الإسلام، وفلسفة تشريعاته، وعلل أحكامه، وعرضت إلى الحالة الراهنة التي كانت عليها اُمم العالم وشعوب الأرض قبل أن يشرق عليها نور الإسلام؛ فقد غرقت الاُمم بالجهل والانحطاط خصوصاً (الجزيرة العربية)؛ فقد كانت في أقصى مكان من الذلّ والهوان، وكانت الأكثرية الساحقة تقتاد القِدّ، وتشرب الطَرق، وترسف في قيود الفقر والبؤس إلى أن أنقذها الله بنبيّه محمّد (صلّى الله عليه وآله)، فرفعها إلى واحات الحضارة وجعلها سادة الاُمم والشعوب، فما أعظم عائدته على العرب والمسلمين!

وعرضت سيّدة نساء العالمين في خطبتها إلى فضل ابن عمّها الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام)، وعظيم جهاده في نصرة الإسلام، وذبّه عن حياض الدين، في حين أنّ المهاجرين من قريش بالخصوص كانوا في رفاهية من العيش وادعين آمنين، لم