لم تكن العرب لتجهل موضع الرسول (صلّى الله عليه وآله) وصدقه وإخلاصه في دعوته، كانوا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وقد لمسوا من حقيقة القرآن أنّه الكتاب الذي لا ريب فيه، وقد بهرهم جماله وحسن أُسلوبه وعجيب بيانه، نعم، سوى حميّة جاهلية حالت دون الاستسلام للحقّ الصريح والاعتراف بصدق رسالته الكريمة، فلم تكن محاولاتهم تلك إلاّ تملّصات هزيلة، وتخلّصاً مُعوجّاً عن سحر بيانه، وانفلاتاً من روعة جلاله وهيمنة كبريائه.
كانت قضية الإعجاز القرآني بدأت تفرض ثقلها على كاهل العرب، شاءت أو لم تشأ، وقد أدركت قريش من أَوّل يومها ما لهذا الكلام السماوي من روعة وسحر وتأثير، ولم يكد يملك أيّ عربيّ صميم - إذ يجد ذوقه الأصيل سليقةً وطبعاً - إلاّ أن يرضخ لأُبّهة بيانه الخارق، معترفاً بأنّه كلام الله وليس من كلام البشر.
الوليد بن المغيرة المخزومي:
هذا هو طاغية العرب وكبيرها الأَسنّ، وعظيمها الوليد بن المغيرة المخزومي يقول: