على أنّ التاريخ لا يخلو من أسماء قوم قد زعموا أنّهم عارضوا القرآن، أو رأوا أنّ باستطاعتهم أن يعارضوه: ( لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هذَا إِنْ هذَا إِلاّ أَسَاطِيرُ الأَوّلِينَ ) (1) فمنهم مَن ادّعى النبوّة وجعل ما يُلقيه من سفاسفه ما زعمه مضاهياً للقرآن كي لا تكون صنعته بلا أداة ( أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ ) (2) .
ومنهم مَن تعاطى معارضته صناعةً وظنّ أنّه قادر عليها، لكنّه سرعان ما تراجع إلى الوراء إمّا صاغراً أو مستغفراً ربّه من سوء ما نواه.
والغريب أنّ ما يؤثر عن أُناس في التاريخ حاولوا معارضة القرآن أنّهم أتوا بكلام لا يشبه القرآن ولا يشبه كلام أنفسهم، بل نزلوا إلى ضربٍ من السخف والتفاهة، بادٍ عواره، باقٍ عاره وشناره، فمنهم عاقل استحيى أن يتمّ تجربته فحطّم قلمه ومزّق صحيفته، ومنهم ماكر وجد الناس في زمنه أعقل من أن تُروّج فيهم سخافاته، فطوى صحفه وأخفاها عن أعين الناظرين إلى حين، ولكن متى ذلك الحين؟ إنّه إلى أبد الآبدين! أمّا الذين أتوا بسخائفهم فقد أبدوا بعوراتهم سفهاً
____________________
(1) الأنفال: 31.
(2) الأنعام: 93.