الباب الأوّل
في الإعجاز البياني
قال الشيخ عبد القاهر الجرجاني: إذا رأيت البصير بجواهر الكلام يستحسن شعراً أو يستجيد نثراً، ثُمّ يجعل الثناء عليه من حيث اللفظ فيقول، حلو رشيق، وحسن أنيق، وعذب سائغ، وخَلُوب رائع، فاعلم أنّه ليس يُنبئك عن أحوال ترجع إلى أجراس الحروف، وإلى ظاهر الوضع اللغوي، بل إلى أمر يقع من المرء في فؤاده، وفضل يقتدحه العقل من زناده (1) .
تعريف بديع عن أُسّ البلاغة الفاخرة، وتحديدٌ دقيق عن سرّ الفصاحة الباهرة، ليس يقصر جمال الكلام في حسن منظره حتى ينضاف إليه كمال مخبره:
إنّ الكلامَ لفي الفسادِ وإنّما | جُعل الكلامُ على الفؤادِ دليلا |
وهكذا تجلّى القرآن في سناء جلاله وبهاء جماله، رائعاً في بديع نظمه، وفخماً في رفيع أُسلوبه، فذّاً فريداً لا يدانيه أيُّ كلام، ولا يضاهيه أيّ بيان، قد فاحت من
____________________
(1) أسرار البلاغة: ص3.