3%

3 - عذوبة ألفاظه وسلاسة عباراته

قد أجمل الكلام في ذلك الجرجانيّ والسكاكيّ وغيرهما من أعلام البيان من المتقدّمين، (وتقدّم بعض كلامهم)، وأكمله النُقّاد من المتأخّرين المعاصرين، قالوا:

لو تدبّرت ألفاظ القرآن في نظمها لرأيت حركاتها الصرفية واللغوية تجري في الوضع والتركيب مجرى الحروف أنفسها، ولن تجدها إلاّ مؤتلفة مع أصوات الحروف، مساوقة لها في النظم الموسيقي، حتى أنّ الحركة ربّما كانت ثقيلة فلا تعذب ولا تُساغ في نفسها، فإذا هي استُعملت في القرآن رأيت لها شأناً عجيباً، ورأيت أصوات الأحرف والحركات التي قبلها قد امتهدت لها طريقاً في اللسان واكتنفتها بضروب من النغم الموسيقي، حتى إذا خرجت فيه كانت أعذب شيء وأرقّه، وكانت متمكّنة في موضعها، وكانت لهذا الموضع أَولى الحركات بالخفّة والروعة.

من ذلك لفظة (النُذُر) جمع نذير، فإنّ الضمّة ثقيلة فيها لتواليها على النون والذال معاً، فضلاً عن جَسأة هذا الحرف ونبوّه في اللسان، وخاصة إذا جاءت فاصلة للكلام.

ولكنه جاء في القرآن على العكس وانتفى من طبيعته في قوله تعالى ( وَلَقَدْ