3%

الإطلاق في أيّ كتاب في الأدب أو في أيّ مجال آخر، يمكن أن يكون قد تمّ تأليفه على هذا النحو، وإذا كانت السور القرآنية من نتاج ظروف النزول تكون وحدتها المنطقية والأدبية معجزة المعجزات (1) .

التناسب القائم في كل سورة بالذات

الوحدة الموضوعية:

وممّا يسترعي الانتباه ما تشتمل عليه كل سورة من أهداف خاصة تستهدفها لغرض الإيفاء بها وأداء ما فيها من رسالة بالذات، الأمر الذي يوجه مصير انتخابها في كيفية لحن الأداء وفي كمّية عدد الآيات، يُنبئك بذلك اختلاف السور في عدد الآي، قليلها وكثيرها، فما لم تستوفِ الهدف لم تكتمل السورة، قصرت أم طالت، وهكذا اختلاف لهجاتها من شديدة فمعتدلة وإلى ليّنة خفيفة، فلابدّ من حكمة مقتضية لهذا التنويع في العدد واللحن؛ لأنّه من صُنْع عليم حكيم.

هذا مضافاً إلى ما لكل سورة من حسن مطلع ولطف ختام، فلابدّ أن تحتضن مقاصد هي متلائمة مع هذا البدء والختام، وبذلك يتمّ حسن الائتلاف والانسجام.

ومِن ثَمّ فمن الضرورة - بمقتضى الحكمة - أن تشتمل كل سورة على نظام خاصّ يستوعب تمام السورة من مفتتحها حتى نهاية المطاف، وهذا هو الذي اصطلحوا عليه من الوحدة الموضوعية التي تحتضنها كل سورة بذاتها.

ولسيّد قطب محاولة موفّقة - إلى حدّ ما - في سبيل الإحاطة بما تشتمل عليه كلّ سورة من أهداف، يُقدّم فكرة عامة عن السورة بين يدي تفسيرها، وبياناً إجمالياً عن مقاصد السورة قبل الورود في التفصيل، ممّا يدلّ على تسلسل طبيعي في كلّ سورة تنتقل خلاله من غرض إلى غرض حتى تنتهي إلى تمام المقصود،

____________________

(1) المدخل إلى القرآن الكريم (أهداف كل سورة، عبد الله محمود شحاته: 5 - 6).