3%

جاء تعقيبه بربّ الجميع الذي أفاض عليهم نعمة الوجود ومنَحهم الحياة وأنشأهم من أصل واحد، لا ميز بينهم في أصل ولا نسب، فما أبرعه من خطاب جلل فخم، يسترعي انتباه عامّة الخلائق في هذا الشمول والعموم.

وكذلك قوله تعالى: ( يَا أَيّهَا النّاسُ اتّقُوا رَبّكُمْ إِنّ زَلْزَلَةَ السّاعَةِ شَيْ‏ءٌ عَظِيمٌ ) (1) فإنّ هذا الابتداء المقترن بالتنبيه على خطورة أمر الانتهاء ممّا يسترعي الانتباه ويُوقظ السامعين للإصغاء إليه بكل وجودهم.

قال: وكذلك الابتداءات بالحروف المقطّعة في مثل قوله: (طس) و(حم) و(الم) و(ق) و(ن) وغيرهنّ ممّا يبعث على الاستماع إليه؛ لأنّه يقرع السمع شيءٌ غريب، ليس بمثله عادة، فيكون سبباً للتطلّع نحوه والإصغاء إليه.

ثمّ أخذ في بيان ما استقبح من الابتداءات أقوال الشعراء (2) .

المبادئ والافتتاحات

في كلام الله تعالى

ولنبدأ بفاتحة الكتاب، وهي أُمّ الكتاب، وعِدل القرآن، وقد استهلّ المصحف الشريف بها؛ لاحتوائها على أُمّهات مقاصد القرآن الكريم وأُصول برامجه في الدعاء إلى الله والانقطاع إليه؛ ومِن ثَمّ عَدلت بالقرآن العظيم: ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) (3) .

إنّها اشتملت على أُصول المعارف الخمسة:

1 - عرفان ذاته المقدّسة وصفاته الجمال والجلال ؛ لأنّه الحقيق بالحمد كله، الكافل لتربية عوالم الغيب والشهود، ذو الرحمة الواسعة، والعناية البالغة بعباده المؤمنين: ( الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ * الرّحمنِ الرّحيمِ ) .

____________________

(1) الحج: 1.

(2) المَثَل السائر: ج3 ص98.

(3) الحجر: 87.