التشبيه تصوير فنّي يرسم المعنى في الخيال متجسّداً في قالب المثال، خالعاً عليه ثوب الجمال، ويزداد بهاءً كلّما كان أوفى بتحقيق الغرض المقصود من الكلام، وما أن دقّ ولطف في التعبير والإيفاء إلاّ ازداد حسناً وكمالاً، وهكذا ذهب القرآن في تشبيهاته مذهب الإيفاء وحسن الأداء، الأمر الذي زلّت فيه أقدام كبار الأُدباء كلّما حاولوا الإكثار منه عاثوا وتعسّرت عليهم الإجادة وحسن الإفادة، عكس القرآن، فقد أكثر منه، واحكم صلبه، وخاض عبابه واستخرج لبابه، فأفاد وأجاد، وأبدع وأعجب، وأحار ذوي الألباب.
قال ابن الأثير: التشبيه يجمع صفات ثلاثاً: المبالغة، والبيان، والإيجاز، أمّا المقصود من قولنا (زيد أسد) أن يتبيّن حال زيد في اتّصافه بشهامة النفس، وقوة البطش، وجرأة الإقدام، وغير ذلك ممّا يجري مجراه، إلاّ أنّا لم نجد شيئاً ندلّ به عليه سوى أن جعلناه شبيهاً بالأسد حيث كانت هذه الصفات مختصّة به، فصار ما قصدناه من هذا القول أكشف وأبين مِن أن نقول: زيد شهم، شجاع، قويّ البطش، جريء الجنان، وأشباه ذلك؛ لِما قد عُرف وعُهد من اجتماع هذه الصفات في