3%

المذهب الكلامي

هو من ظريف البديع، أن يسترسل الشاعر في تغزّله، والخطيب في تفكّهه، فيستظرف في أُسلوب بيانه، يقترب من مطلوبه شيئاً فشيئاً، ويدنو إليه على طريقة أهل الاستدلال في خُطىً حثيثة متواصلة، بتمهيد مقدّمات منتهية إلى النتيجة المتوخّاة فيأتي بشواهد ودلائل، ويقيس كما يقيس الفقيه المتكلّف، ويبرهن على شاكلة الحكيم المتفلسف، وهكذا يقترب من مقصوده مليّاً... وهو فنّ من أساليب البيان، دقيق مسّه، رقيق رمسه، قلّ مَن يتوفّق لمثله في قدرة الاستحواذ على مشاعر مَن سمع الخطاب، (إنّ من البيانِ لسحراً) .

أنشد ابن المعتزّ لنفسه:

أسرفتُ في الكتمانِ

وذاك منّي دَهاني (1)

كتمتُ حبَّك حتّى

كتـمتُه كتـماني

فلم يكن لي بُدّ

مِن ذِكره بلساني

قال ابن رشيق: وهذه الملاحة نفسها، والظرف بعينه.

وقال أبو نؤاس:

____________________

(1) دهى فلاناً: أصابه بداهية.