6%

الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ) (1) على التسليم أنّ أحدهما أهون من الآخر فيما يسبق إلى نفوس العقلاء (2) .

* * *

سطوع براهينه:

قلت: دلائل القرآن لامعة، وبراهينه ساطعة، لكن لا على الأساليب المعقّدة التي ينتهجها أرباب الكلام، بل على طريقة العقلاء في متعارفهم، في قوّة منطق وأناقة بيان، فقد أخذ من المسلّمات (القضايا البديهية والمعترف بها) برهاناً على النظريّات، ومن المشاهدات المحسوسة دليلاً على حقائق راهنة لا محيص عنها، كلّ ذلك على طريقة واضحة ومحجّة لائحة. يستذيقها الطبع، ويستلذّها الذوق، وتستسلم لها العقول، ( إِنّ فِي ذلِكَ لَذِكْرَى‏ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) (3) .

* منها قوله تعالى: ( قُلْ إِن كَانَ لِلرّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوّلُ الْعَابِدِينَ ) (4) .

هذا استدلال على الطريقة العقلانية؛ إذ لو كان لله وَلد - كما يقوله هؤلاء البعداء عن ساحة قدسه تعالى - لكان أَوّل معترف به هم الرسل الذين جاؤوا من عنده، وهم أقرب إليه ممّن سواهم.

* وقوله: ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا ) (5) ، وقد أوضحته آية أُخرى: ( مَا اتّخَذَ اللّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لّذَهَبَ كُلّ إِلهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَى‏ بَعْضٍ سُبْحَانَ اللّهِ عَمّا يَصِفُونَ ) (6) ، أيضاً طريقة عقلانية يتسلّمها العقلاء عند المقايسة.

____________________

(1) الروم: 27.

(2) النكت في إعجاز القرآن: ص105.

(3) ق: 37.

(4) الزخرف: 81.

(5) الأنبياء: 22.

(6) المؤمنون: 91.