إمتاع العقل والنفس معاً
امتاز القرآن في استدلالاته بالجمع بين أُسلوبين يختلفان في شرائطهما، هما: أُسلوب الخطابة وأُسلوب البرهان ذاك إقناع للعامّة بما يتسالمون به من مقبولات مظنونات، وهذا إفهام للخاصّة بما يتصادقون عليه من أَوليات يقينيات.
ومن الممتنع عادةً أن يقوم المتكلّم بإجابة ملتمس كلا الفريقين، ليجمع بين الظنّ واليقين في خطاب واحد... الأمر الذي حقّقه القرآن فعلاً بعجيب بيانه وغريب أُسلوبه.
* * *
والبرهان: ما تركّب من مقدّمات يقينية، سواء أكانت ضروريةً (بديهيةً أو فطريةً) أم كانت نظريةً (منتهية إلى الضروريات)، والقضايا الضرورية ستّة أنواع:
1 - أوّليات وهي قضايا قياساتها معها، يكفي في الجزم بالحكم مجرّد تصوّر الطرفين، كقولنا: (الكلّ أعظم من الجزء). أو مع تصوّر الواسطة وحضورها في الذهن، كقولنا: (الأربعة زوج)؛ لأنّه ينقسم إلى متساويين.