( لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً ) (1)
هل في سنن الكون أن يتحولّ ماء المطر - الذي هو أنقى المياه وأعذبها - إلى ماء أُجاج لا يُستساغ شربه ولا يطيب طعمه؟
الآية قبلها تنصّ على أنّ الماء الذي يشربه الناس والدوابّ - وحتّى الذي يُسقى به الزرع والنبات - هو الماء النازل من السماء: ( أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ (2) أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ ) (3) .
* * *
إنّك تعرف أنّ الأرض رُبعها يابس وثلاثة أرباعها ماء، هذا الماء كلّه مالحٌ أُجاج، لكنّ الله تعالى بفضله ورحمته يقطر للإنسان والحيوان النبات من هذا الماء الأُجاج ماءً عذباً فراتاً سائغاً للشاربين، أمّا جهاز التقطير فليس كمثله جهاز، البحار كلّها في ذلك دَست (4) لا يسخن من تحت، كما يفعل الإنسان في تقطيراته
____________________
(1) الواقعة: 70.
(2) المزن: السحاب المشبّع بالماء.
(3) الواقعة: 70.
(4) أي القدر، وهو كلّ ما يغلى فيه الماء.