3%

حقيقة القول بالصِّرفة

هناك قول في وجه الإعجاز - لعلّه يخالف رأي الجمهور - هو: أنّ الآية والمعجزة في القرآن إنّما هي لجهة صرف الناس عن معارضته، صرفَهم الله تعالى أن يأتوا بحديث مثله، وأمسك بعزيمتهم دون القيام بمقابلته، ولولا ذلك لاستطاعوا الإتيان بسورة مثله، وهذا التثبيط في نفسه إعجاز خارق للعادة، وآية دالّة على صدق نبوّته (صلّى الله عليه وآله).

وهذا المذهب فضلاً عن مخالفته لآراء جمهور العلماء فإنّه خطير في نفسه، قد يُوجب طعناً في الدين والتشنيع بمعجزة سيد المرسلين (صلّى الله عليه وآله) الطاهرين أن لا آية في جوهر القرآن ولا معجزة في ذاته، وإنّما هو لأمر خارج هو الجبر وسلب الاختيار، وهو ينافي الاختيار الذي هو غاية التشريع والتكليف، وغير ذلك من التوالي الفاسدة (1) .

____________________

(1) قال الرافعي - بشأن الآثار السيّئة التي خلّفها القول بالصِّرفة -: على أنّ القول بالصِّرفة هو المذهب الناشئ من لدن قال بن النظّام، يصوّبه فيه قوم ويشايعه عليه آخرون، ولولا احتجاج هذا البليغ لصحّته وقيامه عليه وتقلّده أمره لكان لنا اليوم كتب ممتعة في بلاغة القرآن وأسلوبه وإعجازه اللغوي وما إلى ذلك، ولكن القوم عفا الله عنهم أخرجوا أنفسهم من هذا كلّه، وكفوها مؤونته بكلمة واحدة تعلّقوا عليها، فكانوا فيها جميعاً كقول هذا الشاعر الظريف =