75%

مقدّمة

عليّ هذا علمُ من الأعلام، وعظيم من عظماء الشبيبة الهاشميّة الذين جسّدوا إرادة الإسلام، وواحد من كواكب كربلاء، كوكب سطع في اُفق الطفِّ فوق بطحاء كربلاء، مجاهد عنيد لمبادئ يؤمن بها وقضاياً يتبنّاها.

لقد أنجبت عائلة محمّد بن عبد الله حاملِ رسالة السّماء، قائدِ حركة الانعتاق، رافعِ مشعل النور (صلّى الله عليه وآله)، أنجبت نخبةً ممّن شكلوا امتداداً لخطّهِ النبوي ونهجه المحمّدي الخلاّق، نماذجَ من الشبان الصارمين الحديين الرافضين، رجالاً من أخطر من شهدتهم عهود الملوك وأدوار الحاكمين وحقب التاريخ. وليس أدل على ذلك ممّا شهدته الحقبة التاريخيّة الحسينيّة، ليس أدل على ذلك ممّا شهدته مكّة والمدينة فميدان كربلاء.

لم تفتح كربلاء مسرحها أو أبواب ميدانها لتسمح بالدخول من أجل استعراضٍ بطولي ومباريات مجد عسكرية طارئة أو مؤقتة، إنّ كربلاء لقاء على مستوى العقيدة، وصراع على صعيد الفكر، ومباريات قوامها المبادئ.

كربلاء الحسين ترجمة أمينة النقل من نظرية الإسلام إلى عمل الإسلام وفعالياته في حيز التطبيق، ترجمة أمينة لروح الأصالة في المواقف الرافضة، وترجمة حيوية لروح الحرية، وبالتالي فهي ترجمة عملية واضحة الرؤية للرسوخ الإيماني والرقي العقائدي.

فتحت كربلاء أبوابها لتسليط الأضواء على حقيقة هويات رجال من الأُمة وليسوا منها، هوية الاُمويّة ومن ختم بخاتم معاوية، كذلكم ولتسلط الضوء على حقيقة هويات رجال من شباب وكهول وشيوخ حالفوا الحق ومارسوه، وأبوا إلاّ الختام جنبه والموت عليه دون أن ينسوه أو يتركوه.

إنّه وبغض الطرف عن الأحداث الدمويّة والاشتباكات المسلحة العسكرية والنهايات المؤلمة، فإنّ النتيجة هي غير ما تمخّض عنه الصراع من قتل وثكل وسبي وانتهاك الحرمات... النتيجة هي الإجلاء الكامل والبيان التام لمبدأ خطير من مبادئ الإسلام، مبدأ مطموس لا تنهض به كلمة اللسان وخطب بيان الإنسان.