50%

الفصل الرابع

الأحداث التي عاصرها على الأكبر

ما قبل العهد الاُموي

يمكن الإحاطة بما عاصره علي من أحداث ووقائع؛ وذلك من حيث إمكانية الوقوف على زمن ولادته وعمره الشريف. وقد سبق لنا القول بأنه ولد في مدة خلافة عثمان بن عفان، وعلى هذا الأساس فإنه يكون معاصراً للأحداث الممتدة من تلك المدة حتّى سنة ستّين للهجرة، حين إسهامه الكبير بالحدث الجهادي الجليل المتمثّل بثورة أبيه (عليه السّلام) وجهاده [من أجل] الإسلام على بطحاء كربلاء.

ولا يخفى على اللبيب إدراك أنّ عليّاً لم يجهل الأحداث الماضية والوقائع السابقة لميلاده؛ نظراً لكونها مقدّمات لما يجري ممّا يعاصره، ولكونها تتكفّل استيعابه لما يعيشه ويشهده، فما يقع أيام حياته إنّما هو امتداد لحلقات الحوادث المنصرمة.

هذا وإنّ معلوماته لمجريات الاُمور ومشكلات الماضي ما هي إلاّ دروس تاريخيّة قيّمة، ما هي إلاّ أحد مواضيع تربيته وتهيئته وإعداده. وعليه فهو - لا سيما في شبابه - على بينة ممّا قد حدث؛ الأمر الذي يزيده وعياً ويقظة لما يعاصره.

ولنحاول أن نمر سريعاً بما عاصره علي الأكبر:

أولاً: لقد عاصر أزمة الخلافة الثالثة والمعضلات التي تراكمت على عثمان حتّى تبلورت الاُمور، فاشتدت مناوأته ومناهضته؛ فتألب المسلمون عليه، وجرت مشاكل مزعجة واضطرابات سياسية واجتماعية، وبرزت المشكلة الاقتصاديّة فانكشفت مسألة التمايز عند بعض واستئثارهم بأموال المسلمين.

ولم يتمكّن عثمان من وضع حدّ للاضطرابات، فأودت بحياته؛ حيث قتله بعض الثوار، ومضى دون أن يلبي المطالب الإيجابية التي اُريدت منه. كان ذلك أيام صغره، أي علي الأكبر.