فاستهل معاوية حكمه وافتتح عهد الاُمويِّين بالخيانة العظمى، ثمّ لم يكتفِ بذلك؛ فقد خطط لعملية التخلص من الإمام الحسن (عليه السّلام) بالقتل؛ وذلك بواسطة جنود له من عسل على حد تعبير معاوية نفسه، فدسّ له السمَّ ليقتله.
وهكذا شهد علي الأكبر - وهو في ربيع عمره - استشهاد عمه الحسن (عليه السّلام)، وساعات احتضاره حتّى انتقاله إلى جوار ربه (صلوات الله وسلامه عليه)، وهو حدث له وقع شديد عليه، ويترك في نفسه أثراً وآثاراً غير هينة.
هذا وقد سبق أن عاش الصدمة الكبرى للأُمة كلها، وهي استشهاد جده الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام)، حيث نفذت مؤامرة وقحة وجريئة ضدّه هزت العالم، وأحدثت ضجة ذات أصداء وانعكاسات.
هذه الواقعة والتي أعقبها استشهاد عمه الحسن (عليه السّلام) وغيرها مما سبقها أو يلحقها تحتاج إلى عمق في الدراسة، وقبل أن نستطرد من الضروري جداً أن نفهم ما يلي:
١ - أننا نمر بما يعاصره علي مروراً سريعاً، ولا نلم أو نذكر متعلقات الحادث.
٢ - نحرص على إدراج أبرز الحوادث وأكبرها.
٣ - يجب أن لا نحدد وعي علي الأكبر بمحدوديتنا وبعقليتنا؛ فالذي يعاصر الوقائع أدرى وأعمق تأثراً ووعياً منّا نحن الذين نطالع أو ندرس نتفاً موجزة عن حقب طويلة.
فبعد الخيانة ومقتل الإمام الحسن (عليه السّلام) هناك حدث أو أحداث متسلسلة متصلة ومستمرة من الإرهاب والاضطهاد الذي كان يستهدف الشيعة الموالين لآل الرسول (صلّى الله عليه وآله)، فضلاً عن استهدافه لآل الرسول بالذات.
وأوّل مسعى لفتح باب الإرهاب هو شتم الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) علناً، وسبّهِ من فوق المنابر، وبهذا فقد أضحى شيعة أهل البيت في خطر. وفعلاً كتب معاوية إلى عماله أن أسقطوا كلَّ شيعي واحرموه من العطاء، بل عمم طلبه بملاحقتهم وقتلهم.
ومن أبرز الاُمور تنصيب معاوية جملة من الولاة القساة القتلة، سافكي الدماء، كما أن من أبرز الأحداث تهجير آلاف الشيعة من إقليم الكوفة إلى خراسان، وقد أجلاهم واليه على الكوفة زياد بن أبيه تحت ألوان من العسف وأساليب التنكيل؛ خوفاً من بقائهم الذي يهدد بقاء حكم بني اُميّة.