25%

الفصل السادس

السبق للجهاد

المبادرة الفورية

لقد أدّى الأنصار أدوارهم على أحسن ما يرام، فمضوا إلى حيث نعم الله ورضوان ربهم، وجنان وعدهم إياها، إنه لا يخلف الميعاد.

ولم يدع علي واحداً يسبقه بعد إذ انفرد الإمام وأهل بيته (عليهم السّلام)، فكانوا البقية الباقية من الشجرة المحمّديّة، والوحيدون على وجه الأرض من آل الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله)، فطفق بعضهم يودع بعضاً، ومال أحدهم على الآخر يعانقه بحرارة وشوق.

وصف المؤرّخون ذلك المشهد الرهيب، واتّفقوا على هذا المعنى: لمّا قُتل أصحاب الحسين (عليه السّلام) ولم يبقَ معه إلاّ أهل بيته خاصة، وهم وُلد علي بن أبي طالب (عليه السّلام)، وولد جعفر، وولد عقيل، اجتمعوا يودّع بعضهم بعضاً، وعزموا على الحرب؛ فتقدّم علي بن الحسين (عليه السّلام)، وكان من أصبح الناس وجهاً وأحسنهم خَلقاً وخُلقاً.

أمّا وداع علي لأهله من النساء؛ كاُمّه وأخواته وعمّاتهِ، لا سيما عمّته الحوراء زينب (عليها السلام)، فقد حفل بالآلام والأشجان؛ فقد آن فراق ذكرى المصطفى (صلّى الله عليه وآله)، هكذا شعرن وأحسّت كلٌّ منهنّ.