50%

الفصل السابع

المجاهد العنيد

الجولة الاُولى

وامتشق حسامه المهنّد من غمده، ونزل مخترقاً صفوف العدو المتكبّر، فراح الأكبر في كبرياء العزِّ يضرب الأجلاف، ويجندل الجبناء، ويحصد بهم فيوقع أكبر الخسائر في أوساطهم. راح يضربهم فوق الأعناق ويضرب منهم كل بنان.

ظهر تأثيره عليهم حينما دخل دائرتهم وأخذ يخوض في وسطهم العسكري ليمزّق جمعهم، ويفرّق صفوفهم، ويشتت شملهم الشريد؛ فقلب وقوفهم وحالة سكونهم إلى حركة دائمة، وركضٍ وهروبٍ فهزيمة، فالرجل مَن إذا هرب نجا.

وغاب شخص علي الأكبر بينهم غياباً تاماً يتجلى للعيان بما يلعبه فيهم ويؤثر عليهم، فلا يظهر منه غير نشاطه المتمثل بهز العسكر وزعزعة الجيش؛ إذ كان نزاله المسلح بكلِّ طاقاته وقدراته ممّا أعيا الفرسان المدجّجين والكماة الناصبين، واستمر في فعالياته البطولية يخرق الصفوف ويتحدّى السيوف.

نزل فيهم نزول الأسد الجريح، وخاض بهم خوضاً لم يشهدوا له مثيلاً قط؛ فما يترك كتيبة إلاّ وعاد إليها، وما يلبث أن يرجع لمن فرّقهم بسيفه الصقيل، مضى يتصرف بهم حسبما يريد، وقد عجزوا عن وضع حدٍّ له وإيقاف قواه التي تواصل استعراضهم فتكيل لهم الضرب، وتنزل بهم الخسائر الجسيمة؛ (ولهذا حرصوا على أن ينتقموا منه بعد قتله؛ وذلك بتمزيق جسده).

حتّى إذا ما جهلوه، وظنوا أنه علي بن أبي طالب (عليه السّلام) قد خرج إليهم؛ لأنهم لم يصدّقوا أنّ هذه الحملات الشجاعة لغيره، طفق يكشف لهم عن هويته المقدّسة واسمه الشريف كما قيل عن سبب اُرجوزته التالية.

أو أنه أراد توضيح شخصيته ومهمّته المنوطة به، فبادر معلناً لهم، وهو ما زال ماضياً بعزم لا يلين، ينشدهم اُنشودته الخالدة واُرجوزته المجيدة: