50%

القسم الأوّل

علي الأكبر في شخصيّته الفذّة

في ذروة المجد

الهاشميّون

رفض الإسلام أية مفاضلة اُممية أو قبلية، وأية مبادرة حتّى للتصنيفات الفردية بمعزل عن المعيار الذي قدّره القرآن، والمقياس الذي أعلنه كركيزة لا نحيد عنها عند المفاضلة والتصنيف، إنه مقياس الإيمان، ركيزة التقوى.

ولو أنّ مشروعاً منصفاً للتفاضل اُقيم وعلى مستوى النسب بين فروع العجم وقبائل العرب لما فاز به غير الهاشميِّين؛ إذ لم يكن اعتباطاً أو جزافاً خروج صفوة العرب وأعيان الأُمة الإسلاميّة وأعلامها منهم، وعلى رأسهم يقف زعيم هاشم وعميد العروبة، سيد الأُمة والإنسانيّة محمّد رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

اختاره الله تبارك وتعالى من الشجرة الهاشميّة بالذات؛ لأنها أقوى عوداً وأعمق جذوراً، وأكرم شرفاً وأمعن أصالة. وما كانت إرادة السماء لتفرّط بعملها وبعثة نبيها من موقع عادٍ ونسب بسيط قليل الشأن بمضمونه وطهارته، أو بشرفه عند الناس وسمعته وعلو منزلته، حتّى إذا ما أعلن النبي دعوته مثلاً للقبائل والبشر قابلوه بمؤاخذات على أصالته نسباً؛ حيث أصله الرديء، أو سيرته، حيث وصمات ماضيه.

ما كان الله سبحانه ليزيل باطلاً ويقيم محله حقّاً بصرح قويٍّ يتوخّى اعتبارات المستقبل، وذلك بأيدي ضعيفة قليلة القيمة، بل كان حتماً ترشيح الأيدي النزيهة القوية الكفوءة قبل تقرير النتيجة، ترشيح العائلة العاملة بجميع أعضائها وضمان كونها ذات موقع جليل قبل تقدير الثمرة المصطفاة.